المزيد  
الموت خارج أسوار الوطن
جهود مكافحة المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت (فرص وعقبات)
سامو زين يوجه رسالة لبشار الأسد
أجواء رمضان بين الحاضر والماضي في سوريا
هل تتأثر سوريا بخلافات "التعاون الخليجي" الداخلية؟
قصة سوري فرقته الاتفاقيات عن عائلته
بعد بتر ساقيه صاحب المقولة المشهورة "يا بابا شيلني" يظهر بساقين بديلتين
هذا ما تطلبه المعارضة الإيرانية ضد الأسد وخامنئي

داعش في عيون الدراما والسينما.. صورة هزلية (تقرير خاص لـ صوت دمشق)

 
   
19:40


داعش في عيون الدراما والسينما.. صورة هزلية  (تقرير خاص لـ صوت دمشق)

اللافت للنظر اليوم وبعد مرور أكثر من عامين على إعلان تنظيم الدولة "داعش" خلافته المزعومة، أن  Ù…عالجة الدراما العربية لقضية تنظيم الدولة لا تتناسب وحجم خطرها على المنطقة، فنجدها دون المستوى في أحيان كثيرة، ومتشابهة المضمون والمحتوى في أحيان أخرى.

يبحث المنتجون عن النص الذي يحقق أعلى ربحية، في الوقت الذي يخشى فيه الكثير الدخول إلى منطقة فنية جديدة غير مضمونة العائد المادي بنسبة كبيرة، مما قد يؤدى إلى تراجع في الدور الذى تلعبه الدراما والسينما داخل المجتمع، كمايرى البعض.

الدراما وداعش

 

وتظل فكرة وجود عمل درامي قائم تماماً على قضية داعش أشبه بالصعب الآن لوجود اعتبارات عديدة ومنها اختلاف غياب الرؤية والعقلية المقتنعة بأهمية هذه الظاهرة لدى كثير من القائمين على الأعمال الفنية
راني عبدالرازق

تلعب الدراما التليفزيونية دوراً مهماً في ترسيخ بعض الظواهر الجديدة للمجتمع، فالعلاقة بين الدراما والمجتمع كما يشرحها علم النفس الإعلامي، علاقة تبادلية فكلا الطرفين يستقي من الآخر دوراً له، وتظل الإشكالية بينهما حول مدى وقوة تأثير أحد الطرفين على الأخر مطروحة ومحل جدل ونقاش، لكن في النهاية تظل للدراما دوراً كبيراً بحكم سهولة دخولها إلى البيوت والعوامل الفنية الجذابة التي تجعلها محل طلب دائما، ولكن بالنظر لتناول الدراما العربية لظاهرة تنظيم داعش تظل هذه الزاوية محل جدل نظراً لصعوبة تبني موقف موحد تجاه هذه المسألة واختلاف الرؤى والزوايا للمعالجة ، فلابد على القائم بالعمل الفني أن يكون له موقف سياسي ما ينعكس على تناوله لهذه الظاهرة، ونظراً لغياب الرؤى لدى كثير من القائمين على الأعمال الفنية.

باتت قضية داعش حبيسة الأدوار الثانوية أو حتى الكوميدية الخفيفة ، ولم يخرج إلى الآن عمل درامي نستطيع أن نطلق عليه أنه اقترب من هذه القضية اقتراباً كبيراً، كما قال الناقد السينمائي المصري، رامي عبدالرازق.

وتظل فكرة وجود عمل درامي قائم تماماً على قضية داعش أشبه بالصعب الآن لوجود اعتبارات عديدة ومنها اختلاف غياب الرؤية والعقلية المقتنعة بأهمية هذه الظاهرة لدى كثير من القائمين على الأعمال الفنية، بما في ذلك الإنتاج الذي يخشى المغامرة والدخول في منطقة قد لا يجدي من وراءها مالاً، فالمنتج اليوم يستسهل العمل الذي يرتبط باسم فنان معين ولا حتى يقرأ النص بل يكتفي باسم الفنان، وهذا عكس ماكان قديماً عندما كان المنتج يقرأ إحدى الروايات لنجيب محفوظ أو يوسف السباعي أو احسان عبدالقدوس ومن ثم يقرر تحويلها لفيلم، فهنا نقف أمام عائق الإنتاج والرغبة في الربح السريع بغض النظر عن المضمون المقدم والدليل على ذلك مسلسل "الإسطورة" الذي عُرض في رمضان الماضي، كما أوضح عبدالرازق في حديثه الخاص لـ "صوت دمشق".

لا تزال المعالجة الدرامية لقضية تنظيم الدولة داعش وقضايا الإرهاب على استحياء، فنجد مسلسل" سيلفي"ØŒ في موسمه السابق،  Ù„لممثل السعودي ناصر القصبي قد تناول في حلقة له بعنوان "بيضة الشيطان" والتي جسد فيها القصبي دور رجل يبحث عن ابنه المنضم للجماعات الإرهابية. وعاى إثره تعرض القصبي لتهديدات بالقتل من قبل أعضاء في التنظيم .

وفي عام 2014 ، تناول مسلسل عراقي القضية بأسلوب فكاهي عبر تجسيد الأمور المتشددة التي يعتقد بها التنظيم في كل مناحي الحياة ، وجاء المسلسل بعنوان دولة الخرافة"، وكان المسلسل من أوائل الأعمال الدرامية التي طرقت باب هذه القضية نظراً لما يعانيه المجتمع العراقي من مآسي بعد سيطرة التنظيم على أمور الحياة في كثير من بلداته.

وتناول المسلسل المصري "حواري بوخارست" قضية الشاب المصري "اسلام" الذي تم تجنيده ضمن صفوف داعش، والذي لاقت قضيته جدلاً على مواقع التواصل الإجتماعي وقتها، وأشار مسلسل "حلاوة الروح" للراحل خالد صالح إلى القضية من بعيد.

وفي مسلسل "مأمون وشركاه" للفنان عادل إمام، تمت الإشارة إلى شخصية الإرهابي الذي يتبنى الفكر الداعشي المتشدد في شخصية زوج ابنة البطل، ولكن جاءت معالجتها مقتصرة على الظواهر فقط دون التطرق لجوانب أخرى، فالذقن والجلباب واللهجة المتشددة هى الأنماط المعتادة في تقديم صورة الإرهابي، مع اغفال جوانب أخرى أهم، كما قال رامي عبدالرازق، وهى الدخول لأعماق تلك الشخصيات وكيف تكونت والدوافع التي أدت بها إلى ذلك، والعمل على التقريب بينها وبين المجتمع لأنهم في النهاية يخرجون منه وليسوا مقحمين عليه، فكيف حدث هذا التطور في شخصياتهم بهذا الشكل ، كل هذه التساؤلات باتت لا إجابة عنها في الدراما إلى الآن.

السينما وداعش

اقتصرت السينما في معالجتها لقضية تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية على تصدير صورة ذهنية معينة لا تخرج عنها، فكما الدراما اهتمت بتقديمها على الهامش أو تقديمها بأسلوب كوميدي، وتأتي الأسباب وراء ذلك نتيجة اهتمامها بالأعمال التي لا تخلق مشاكل مع الحكومات التي تتورط بعضها في مسئووليتها عن ظهور مثل تلك التنظيمات الإرهابية، فتحاول ألا تتطرق السينما لها كي لا تظهر تورطها، كما أوضح الناقد الفني رامي عبدالرازق، بالإضافة إلى مشكلات آخرى تظل عائق أمام تناول هذه القضية سينمائياً.

ولم تتجاوز تلك الأفلام أصابع اليد الواحدة ، فنجد الفيلم المصري "دعدوش" الذي يتناول القضية بأسلوب فكاهي عن طريق شاب بسيط يعاني من الفشل والإحباط، يجد نفسه فجأة، واحداً من أفراد تنظيم "داعش" الذي وعده بالزواج والمال، لكن واجه الفيلم عقبات أمنية خلال تصويره وتوقف عن التصوير الى الآن.

ومن المفترض أن يخرج فيلماً للكاتب جمال بخيت  ÙˆØ¨Ø·ÙˆÙ„Ø© طارق لطفي ØŒ يتناول القضية عن طريق تناول حكاية طائفة الحشاشين التي انتهجت أسلوب تنظيم داعش قديماً.

أما فيلم "دم بارد" للمخرج أمير رمسيس  ÙØ³ÙŠØªÙ†Ø§ÙˆÙ„ الطرق التي يتم بها تجنيد الشباب وكذلك الظروف الاجتماعية والثقافية التي تؤثر في عملية التجنيد، وتصوير عدد من مشاهد الإجرام الذي انتهجه التنظيم مثل حرق الطيّار الأردني معاذ الكساسبة وذبح الشباب المصريين في Ù„يبياوغيرها.

كما اقتحم المخرج المصري الشاب عمرو سلامة هذا الإطار بفيلمه الذي يواجه مشاكل مع الرقابة حاليا، والذي جاء باسم " الشيخ جاكسون" .

ميني داعش

في موسم رمضان الماضي،  قدم الفنان المصري خالد عليش، برنامج مقالب تحت اسم "ميني داعش"ØŒ عن طريق ايهام الضيف أنه يقدم على تصوير فيلم سينمائي ØŒ ومن ثم ممارسة أساليب داعش المخيفة عليه مما يجعله يرتبك كثيراً، وتظهر علامات الخوف والقلق عليه، وقد لاقى البرنامج العديد من التعليقات الناقدة له بسبب اعتماده على ترسيخ فكرة العنف، ومن ثم نشرها وقبولها اجتماعياً على اعتبار الفكاهة، مما يجعل المجتمع فيما بعد يكن أكثر تقبلاً لفكرة ممارسات التنظيم واقعياً، فاعتبره البعض قدّم خدمة مجانية للتنظيم غير مدفوعة الثمن .

تخوف من التناول

وعلّق الناقد الفني المصري، رامي عبدالرازق على تناول ظاهرة تنظيم داعش درامياً وسينمائياً، قائلاً : إنني حتى الآن لم أجد الدراما والسينما المصرية قد تناولت هذه الظاهرة بأسلوب أكثر عمقاً، أو على مساحة واسعة، وإنما تم الإشارة لها فقط  في مسلسل "بوخارست" الذي تناول قضية الشاب المصري "اسلام" الذي تم تجنيده ضمن صفوف داعش، والذي لاقت قضيته جدلاً على مواقع التواصل الإجتماعي وقتها، لكن باستثناء هذا المسلسل لم أرى أى عمل فني آخر اهتم بتلك القضية على الرُغم من أهميتها الكبيرة في المجتمعات العربية.

وأرجع عبدالرازق، خلال حديثه الخاص لـ "صوت دمشق"، السبب في قلة تناول هذه الظاهرة إلى عدة أسباب سبق الإشارة إليها، لكنه استكمل تلك الأسباب ، قائلاً: لا يوجد إلى الآن دراسة متعمقة وشاملة لهذه الظاهرة على المستوى الفني والإجتماعي، لذا تظل هناك جوانب مغفلة من الصعب الوصول إليها، خاصة وأن المجتمع المصري لا يعاني مباشرة من هذه المشكلة كباقي الشعوب الأخرى مثل سوريا والعراق، اللهم إلا ما يحدث في سيناء ، مؤكداً على أن تناول ظاهرة داعش الموجودين في سيناء تظل مشكلة تتعلق بسياسات الحكومة في التعامل مع بدو سيناء والذين تم اهمالهم منذ عصر مبارك مما جعلهم بؤر جاهزة للإنضمام لداعش، ولكن تخشى الحكومة المصرية تناول أحوالهم حتى لا يكون ذلك سبباً في إدانتها.

بالإضافة إلى ماسبق، أكد عبدالرازق أن اكتمال الظاهرة والبعد عنها بفترة زمنية كافية يجعلها أفضل في التناول والعمق، قائلاً : إن المعاصر هو أسوأ مؤرخ للحظة، فأنا من أنصار عدم التعجل في الحكم على حالة معينة، لأن الأفكار تتبدل سريعاً، وتبادل الأدوار وارد في كل لحظة ØŒ لكن هذا لايمنع أن يتم تناول ظواهر عاجلة ناتجة عن الظاهرة الأم، مثل تناول قضية استقطاب الشباب لتنظيم داعش وإلقاء الضوء على هذا الأمر الخطير، لتوعية المجتمع  .

وعن دور الفن في توعية المجتمع، قال عبدالرازق: من أهم أدوار الفن هو تقديم التوعية عن ظاهرة ما كما كان في حقبة الثمانينات والتسعينيات، فنجد مسلسل مثل "إمرأة من زمن الحب" تحدث عن قضية عبدة الشيطان ، التي انتشرت وقتها، ومسلسل "أرابيسك" وفيلم "الإرهابي" و"دم الغزال"، كلها ساهمت في الاقتراب من تجسيد ظواهر يعاني منها المجتمع المصري، في هذا الوقت، مؤكداً على أن المجتمع في حالة من الشغف لتناول القضايا التي تمسه وتمس مستقبل أبناؤه، وسيتابع الجمهور أى عمل قد يتحدث عن ظاهرة "تنظيم داعش" على اعتبار أن بعض أبناؤه قد يقع في هذه المصيدة ولتقديم خبرات آخرين للإستفادة منها.

وأشاد عبالرازق  بالأعمال الدامية التي تقدم مشكلات المجتمع الحقيقية  والمعقدة بصورة فنية جذابة ومشوقة وهذا هو دور الفن كما يراه، ودلّل على ذلك بمسلسل "تحت السيطرة" الذي تناول مشكلة الإدمان في المجتمع وأقبل عليه جمهور كبير.

وقدم الناقد الفني المصري عددًا من المقترحات من أجل العمل على تقديم ظواهر مجتمعية حقيقية فنياً، قائلاً: على العمل الفني الحقيقي أن يشتبك مع المجتمع ويقترب منه أكثر ويدرس طواهرة بصورة أفضل بغرض استكشافها وليس بغرض استغلالها ومن ثم دق ناقوس خطر حولها ØŒ فترك ظواهر بعينها بعيدة عن أعين الناس يجعل هذا المجتمع  ÙŠØªØ­ÙˆÙ„ تدريجياً إلى قنبلة موقوتة.